أدى الانهيار المالي والاقتصادي في لبنان إلى جانب العبء المتزايد لوباء كورونا إلى تفكك نظام الرعاية الصحية، حيث تواجه الآن قطاعات الصحة، من المستشفيات ومقدمو الرعاية الصحية وموزعي الأدوية والمستلزمات الطبية، تحديات لا مثيل لها.
في محاولة لمعالجة أزمة الرعاية الصحية، نظم معهد الصحة العالمية (GHI) في الجامعة الأميركية في بيروت (AUB) حلقة نقاش بعنوان “الطريق إلى نظام صحي جديد في لبنان: مناقشة الاستراتيجيات في المرحلة الانتقالية.” عقدت حلقة النقاش هذه في الحرم الجامعي، في الثاني من كانون الأول الجاري، حيث جمعت خبراء الصحة والأكاديميين الذين ناقشوا المرحلة الانتقالية لنظام الرعاية الصحية اللبناني، والتحديات الناشئة والإصلاحات والحلول الممكنة.
حضر هذا النقاش رئيس وأعضاء لجنة الصحة النيابية، وممثلون عن السفارات والنقابات وشركات الأدوية والتأمين، بالإضافة إلى أكاديميين ومتخصصين في مجال الرعاية الصحية، بحضور رئيس الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور فضلو خوري، بحيث شاركوا في مناقشة مثمرة، ووضعوا معًا الحلول البناءة اللازمة لإخراج لبنان من هذه الأزمة.
في كلمته الافتتاحية، تحدث الرئيس خوري عن الأزمات التي تمر بها البلاد، وتأثيرها على نظام الرعاية الصحية، حيث سلط الضوء على الحاجة الأساسية للإصلاحات من أجل تحقيق نظام صحي مستدام. كما أخذ الرئيس خوري المنبر لإطلاق منصة معهد الصحة العالمية للأنظمة الصحية في الأزمات (PHSC)، وهي مبادرة جديدة من معهد الصحة العالمية تهدف إلى المساهمة في الجهود الهادفة إلى تقليل وإدارة الآثار السلبية للأزمات على النظم الصحية. وصرح الرئيس خوري قائلاً، “في الجامعة الأميركية في بيروت ومعهد الصحة العالمية، نحن ملتزمون بالعمل جنبًا إلى جنب مع المتخصصين في الرعاية الصحية لإيجاد حلول فعالة لكل مشكلة، من أجل تقليل الأزمات الصحية وآثارها،” مضيفًا أن “بالعمل معًا يمكننا تسليط الضوء حول مسائل الإصلاح الأساسية التي يجب معالجتها.”
بدوره، ذكر الدكتور عمر دبوس، الطبيب والاقتصادي الصحي وخبير الصحة العامة من الولايات المتحدة، أن الوضع الطبيعي التالي لن يكون سهلاً ولكن علينا اتخاذ خطوات جادة نحو تفعيل القادة لمساعدة نظام الرعاية الصحية. كما شدد على أهمية اتخاذ إجراءات صارمة في الأوقات الصعبة من أجل صحة جيدة للسكان.
وقال المقدم حبيب عبده، صيدلاني في الجيش اللبناني ورئيس المعامل العسكرية المركزية، إن “التغيير لن يكون سهلاً وسيكون وعرًا إلى حد ما. لكن ميادين الإصلاح كثيرة، وبالتالي يجب أن نعطي الأولوية للتكلفة المنخفضة مع الحلول عالية التأثير.” وتابع، “يجب أن ننظر في توحيد الصناديق الصحية وتوحيد الاشتراكات ومعادلة حزم المنافع.”
من جهته، أكد الدكتور نيكوس مانياداكيس، أستاذ في إدارة الصحة والسياسة في اليونان، أن “الرعاية الصحية تساهم في تحسين الصحة والثروة؛ والاستثمار في الرعاية الصحية هو استثمار في الاقتصاد.” وأشار إلى أنه يجب النظر إلى كل أزمة على أنها فرصة للتحسين، بينما يجب أن تستهدف السياسات حماية الفئات الاجتماعية الضعيفة.
علاوة على ذلك، أشار الدكتور شادي صالح، المدير المؤسس لـمعهد الصحة العالمية، إلى أن “المجتمع الدولي مدين للبنان الذي دعم مجتمعات اللاجئين، في جميع الجوانب بما في ذلك الرعاية الصحية.”
وأوضح أن “النظام الصحي في لبنان سينهار بشكل كامل من دون وجود برنامج دعم عالمي نشط على مستويات متعددة. ويجب أن يكون واضحا أن على هذا البرنامج أن يكون شاملا وليس مقاربة مجزأة لسد الفجوات.”
وشدد الدكتور صالح على أن “السنوات المقبلة قد تكون بالغة الأهمية لصحة اللبنانيين في ظل الأزمة. يجب وضع استراتيجيات ومقاربات لدعم تلك المرحلة الانتقالية على أمل الوصول إلى مرحلة صحية جديدة أفضل من النموذج السابق للنظام الصحي.”
في ختام اللقاء، اتفق جميع الحاضرين على أن السلطات المعنية بحاجة إلى التحرك، بدءًا من اليوم، من أجل كسب الوقت لتحسين الوضع الحالي وتجنب عواقب أسوأ على الأشخاص الذين يعيشون في لبنان.