أحيت جمعية أندية الليونز الدولية المنطقة 351، لبنان، الأردن وفلسطين، لقاءً تكريمياً لذكرى رئيس الجمهورية اللبنانية الراحل، الياس سركيس، برعاية الرئيس العماد ميشال عون، ممثلاً بوزير العدل هنري خوري، وذلك في قاعة بلدية الجديدة، المتن. حضر الإحتفال، الى الوزير خوري، وزير الإقتصاد أمين سلام، ممثلاً رئيسي مجلسي النواب والوزراء نبيه بري ونجيب ميقاتي، المطران أنطوان عوكر، النائب البطريركي، ممثلاً البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، وزير الإتصالات جوني القرم، وممثلون عن وزراء الدفاع والشؤون الإجتماعية والمهجرين والشباب والرياضة العميد موريس سليم وهكتور حجار وعصام شهيب وجورج كلاس، الوزير السابق جوزف الهاشم والنائب السابق غسان مخيبر، وممثلو سفارتي تونس والجزائر وحزبي الكتائب والوطنيين الأحرار ، مدير عام القصر الجمهوري د. أنطوان شقير، محافظ جبل لبنان القاضي محمد مكاوي وممثلو الأجهزة الأمنية وقيادات روحية وزمنية وحشد من مسؤولي أندية الليونز، كما شارك رئيس لجنة التكريم الوطني الليون جوزيف الخوري منظم المناسبة، الى جانب الليون عايدة قعوار حاكمة المنطقة الليونزية 351، ووجوه وشخصيات وفعاليات مهتمة.
بدأ اللقاء بالأناشيد الوطنية اللبناني والأردني والفلسطيني،
ثم كلمة الإفتتاح لليون الياس أنطونيوس ،عريف الاحتفال ورئيس القطاع 12 في جمعية أندية الليونز الدولية، وقد حيّا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، راعي الإحتفال، وتحدث في مفهومي ذكرى الغياب وذكرى الحضور وقال:
تجمعنا اليوم ذكرى، ولأن أصحاب الذكرى، في المطلق، ينقسمون بين غائبين وحاضرين يصير بعض الذكرى استحضاراً للغياب، ويصير بعضها استمراراً للحضور. ولأن صاحب ذكرى اليوم هو حاضر فإن ذكراه تأتي استمراراً لذلك الحضور المشرق. إنها ذكرى الوفاء لرئيس جمهورية لبنان الراحل، الرئيس الياس سركيس. ذكرى الوفاء لشخصه، والوفاء لمقامه الوطني الأول، وقد حضر فيه ست سنوات من عمر الزمن، وترك فيه حضوراً يتوالى. إن أبهى تجليات الوفاء للرئيس الياس سركيس هي أمانة خلفائه في موقع رئاسة الجمهورية لحضور الموقع ودوره، والأمانة بالتالي لدور لبنان الوطن الرسالة. وقمّة الأمانة هو الالتزام المتوالي، بثبات، بالقواعد والمبادىء والثوابت التي أرست صيغة لبنان الحضارية الفريدة، مع ما يواجه هذا الالتزام من صعوبات وتحديات نتيجة التحولات المصيرية التي تحيط بلبنان.
وأضاف: ويتوّج هذا المسار التاريخي للحضور وللدور فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، راعي هذا الإحتفال، فنوجه له تحية المحبة لشخصه والولاء لموقعه، نحييه وفاءً لأمانته لهذا المسار التاريخي.
وختم: إن ذكرى الوفاء للرئيس الياس سركيس، هي محطة لنتأمل جميعاً في كيفية المحافظة على مفهوم الذكرى التي تأتي استمراراً للحضور، وليس استحضاراً للغياب، فالأولى تقترن بالأمل والرجاء والثقة، والثانية تقترن بالخيبة والوهن والقلق.
فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون
بعد ذلك توالت وقائع الإحتفال، وبداية كانت كلمة الرئيس عون، وقد وردت مسجلة مرئية بصوته، وجاء فيها: الرئيس سركيس هو ابن المؤسسات، التي حدّدت هوية لبنان بالتلاقي والحوار الحضاري. انه العامل الذي رفع نفسه الى أعلى المراتب، تجاوز الضغوطات ليحافظ على جوهر الجمهورية اللبنانية كياناً ودولة.
هو الذي تدرب على يدي الرئيس فؤاد شهاب، باني المؤسسات النهضوية. شكل بخبرته وعلمه نهج الأصالة الوطنية. كان رجل السلام في زمن العنف. رجل البناء في زمن الدمار. من حاكمية مصرف لبنان الى رئاسة الجمهورية. بقي المؤمن بديمومة لبنان الكيان الواحد. تماهى مع لبنان الجمهورية، وحين كان الكل في الداخل والخارج يتصارع على الاستئثار بجزء من الجمهورية، كان هو صوت لبنان الواحد المتغلب على الإنقسامات وخطوط التماس والتشرذم. حافظ على الليرة، وكان همه ألا يجوع اللبنانيون. حافظ على وحدة لبنان بالرغم من ان بداية عهده كانت حرب السنتين وانتهى عهده بالإجتياح الإسرائيلي. في ظل الصراع الإقليمي والدولي على لبنان ووجود معظم الجيوش الإقليمية وحتى الدولية الكبرى على أرضه بقي صوت لبنان الحقيقي، لبنان القادر على مواجهة مخططات الغائه بوحدة أبنائه.
وختم الرئيس عون: بعض رجالات التاريخ لا ينصفهم التاريخ باللحظة الآتية ولكن ثباتهم بالحق الى المستقبل حين استعادة اشراقة الوعي الوطني يعيد لهم إنصاف التاريخ وشرف الموقع وأثر الحضور الدائم.
وثائقي عن الرئيس سركيس
ثم عرض وثائقي عن حياة الرئيس سركيس وعن مسيرته العلمية والوطنية، وعن حقبة توليه حاكمية مصرف لبنان، فرئاسة الجمهورية اللبنانية. وتضمن شهادات حياة من عايشوه.
الليون جوزف الخوري رئيس لجنة التكريم الوطني
وألقى رئيس لجنة التكريم الوطني الليون جوزف الخوري كلمة قال فيها: “أنا معكم، أنا منكم، أنا لكم” كلمات فخامة الرئيس الراحل الأستاذ الياس سركيس، رددها في كل مناسبة طوال عهده وجعلها دستوراً لحياته.
كان محباً لشعبه، مؤمناً بوطنه، ساعياً للسلام والإستقرار، وداعياًللوفاق الوطني، هذا هو فخامة الراحل. مشروعه وحدة الشعب وهدفه تحقيق هذه الوحدة.
استلم سدّة الرئاسة سنة 1976 مع بداية حرب داخلية وكثرة الأسلحة على أرضنا، من سلاح فلسطيني الى سلاح سوري وسلاح ميليشيات متعددة أضف اليها سلاح العدو الإسرائيلي، واجه كل هذه الأسلحة بإدارة حكيمة للبلاد، داعياً للحوار الدائم مع كل الأطراف.
وأضاف: حمى العملة الوطنية عندما كان حاكماً لمصرف لبنان، فاشترى مخزوناً من الذهب جعل لبنان ثاني أكبر دولة عربية باحتياطي الذهب، كان صارماً في الحفاظ على القوانين، ومتشدداً في تطبيقها. رفض التمديد لرئاسته، رغم المحاولات الخارجية والداخلية. هذا الذي حافظ على الوضع الإقتصادي والسياسي، وأنعش الخزينة اللبنانية، وأفقر ذاته وأغنى دولته وراهن على الوحدة الوطنية وحققها، رغم التفكك الداخلي، يستحق التكريم.
تبعت ذلك قصيدة للياس أنطونيوس باللغة المحكية من وحي المناسبة، فتحقيق موثق مع شخصيات ووجوه عايشت الرئيس سركيس وعرفته عن قرب أو عملت معه.
كريم سركيس ابن اخ الرئيس المكرم وكلمة العائلة
ثم كانت كلمة عائلة الرئيس سركيس ألقاها الأستاذ كريم سركيس شكر فيها رعاية الرئيس ميشال عون مبادرة أندية الليونز واقامتها لقاء الوفاء والتكريم للرئيس سركيس. وقال: كنت جالساً معه في منزله في اليرزة، بعد أن ترك سدة الرئاسة، وكان يتصفح الجرائد، وكان المرض بدأ بالظهور عليه، وفجأة يرمي الجرائد على الأرض ويقول لي: “الواحد ما بياخد معو شي من ها الدني لا جاه ولا مال بياخد معو صيتو وأعمالو، تركتلكن اسم نظيف عرفوا حافظو عليه واستفيدو منو. “جربت غيّر الحديث وأقول له ” لماذا تتكلم بهذا الموضوع الله يطول بعمرك “فأسكتني وقال “اسماع شو عم قلك”.
وأضاف: بعد وفاته بـ 36 عاماً تصلنا يومياً ” شهادات وفاء من اللبنانيين لأعماله ومواقفه أكانت في الإدارة أو مصرف لبنان أو رئاسة الجمهورية.
في الإدارة كان مرافقاً للرئيس فؤاد شهاب ببناء المؤسسات. في مصرف لبنان، بعد أزمة انترا، أعاد هيكلة القطاع المصرفي واشترى الذهب كي تكون للدولة حماية نقدية.
وتابع سركيس: رفض الشعبوية وفي زمن الحرب والدمار ظلّ يتكلم لغة العقل والحكمة فحافظ على هيبته وهيبة الرئاسة وحافظ على التواصل مع جميع الأفرقاء المتصارعة ومدّ الجسور فيما بينهم ليغلب لغة الحوار بين اللبنانيين على جنون الحرب، وحافظ على علاقات لبنان الدولية والعربية حيث ان الأخوة العرب كانوا الى جانب الشرعية الى أقصى الحدود وتجسدّ هذا الدعم بالمبادرات من خلال لجنة المتابعة العربية.
وختم: صحيح أنه حكم في الماضي لكنه سيظل مثالاً لأجيال المستقبل رجل دولة بامتياز.
الحاكمة عايدة قعوار
واختتمت الليون عايدة قعوار، حاكمة أندية الليونز الدولية المنطقة الدولية 351، لبنان، الأردن وفلسطين، كلمات اللقاء بكلمة شكرت فيها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لرعايته الإحتفال، وقالت: إن هذا اللقاء ليس مناسبة أكاديمية لدراسة حقبة الرئيس الياس سركيس، وقد شهدت ما عرف بالحرب اللبنانية. إلا أن اللقاء يتسع لكل أشكال التعبير عن الوفاء لشخص الرئيس الياس سركيس، وتقدير فضائله الشخصية وقيمه الروحية والعلمية والأخلاقية والوطنية. ولا نحتاج الى كبير عناء لمعرفة الظروف السياسية والأمنية القاسية التي عرفها الرئيس الياس سركيس، وتعاطى معها بحكمة ودراية وصبر وألم ومعاناة وايمان بالله وبلبنان. وكانت معاناته مع أهل الداخل والخارج، مع القوى اللبنانية في الداخل، مع تواجد فلسطيني مسلح كثيف ومؤثر، ومع وجود الجيش السوري في لبنان ضمن ما عرف بقوات الردع العربية، بالإضافة الى تحديات إحقاق التوازن في علاقات لبنان مع المعسكرين الشرقي والغربي؛ كل ذلك وسط ظروف كانت “تحضيرية”، اذا جاز التعبير، للاجتياح الإسرائيلي المتكرر للبنان، ولاحداث راحت تحدث تحولات سياسية وديموغرافية في لبنان والمنطقة.
وتابعت: كان الرئيس سركيس رجل العلم والمعرفة والثقافة وسعة الاطلاع. وأستعيد ما يؤكد هذه الحقيقة مما كتبه البطريرك الكردينال مار نصرالله بطرس صفير، يوم كان مطراناً نائباً بطريركياً ، يُبرِزُ، بوضوح ، هذه الفرادة في شخصية ِالرئيس. والتي تُظِهرُ أن الرئيس الياس سركيس كان رجل الله ورجل الدولةِ في آن.
كان مؤمناً وديعاً متواضعاً مدركاً نعمةَ عيشِ التجرُد والتخلّي وقبولِ الآخر المختلف، وتجسيد مفهوم المسؤولية والمناصبَ والمراكز بأنها للخدمةِ والتضحيةِ بعيداً عن كل وجاهةٍ ومكاسِب. والى هذا الإيمان الراسخ والفضائل الوَرِعة كان الرئيس سركيس رجلَ العِلمِ والمعرفةِ والثقافةِ وسعة ِالاطلاع.
رجلٌ أقسَمَ على حفظِ استقلال ِلبنان وسلامة ِ أراضيه … وفَعَل
تسّلمَ حُكماً من دون ِأـختام ٍ وسلّمَ الحُكمَ مختوماً بالاستقامة ِ والنزاهة
دَخلَ من الظلِّ وخرَجَ ساطعاً كالشمس
تَسلّمَ بقايا وطنٍ وشبه دولة ، فرمَّمَ الوطن ورَفَعَ شأنَ الدولة
رفَضَ مخالفةَ القانون فعاقبَه القانون ُبحبِّ الناسِ ورغبتِهم بالتمديد له .
وختمت: لقد واجه الرئيس الياس سركيس كل مخططات تغيير هوية ورسالة ودور لبنان، ولا يزال رؤساء الجمهورية، ومعهم كل اللبنانيين، على اختلاف طوائفهم، وعلى اختلاف مواقعهم في إدارة الدولة، ثابتين على هذا النهج، الذي يحفظ لبنان وطناً ورسالة حضارية لخدمة الإنسانية جمعاء.
الدرع التقديرية
وختاماً استلم الأستاذ كريم سركيس درعاً تقديرية أعدتها لجنة التكريم الوطني ، منظمة الإحتفال، تحية وفاء للرئيس الراحل الياس سركيس ، سلمها له ممثل فخامة الرئيس وحاكمة المنطقة 351 ورئيس لجنة التكريم الوطني.