أقامت الجامعة الأميركية في بيروت احتفالات لمّ شمل خريجيها السنوي على مدى ثلاثة أيام حافلة بالأنشطة، وذلك من السادس الى الثامن من تموز الجاري. وأتاح الحدث، الذي ارتُقب بحماس، فرصة لا تُنسى للجامعة وخريجيها لإعادة التواصل والتذكّر والاحتفال بمسيرتهم المشتركة، كما شهد إقبالاً هائلاً، حيث شارك الآلاف من خريجي الجامعة المحتفلين وعائلاتهم وأصدقاء الجامعة بحماس في أنشطته.
ولم تكن احتفالات لمّ الشمل وقتاً للاحتفال فحسب، بل كان أيضاً شهادة على التزام الجامعة الأميركية في بيروت بتوفير الفرص التعليمية للطلاب المتفوّقين وغير المقتدرين مالياً. وأُشير إلى أن جميع عائدات نشاطات الإحتفالات خصّصت لدعم المنح الدراسية في الجامعة.
بدأت الاحتفالات بتكريم أقيم في قاعة أسمبلي هول في الجامعة الأميركية في بيروت في السادس من تموز. وقد كُرّم في هذا الحفل البارز خريجون من ثلاث فئات، خريجو الفئة الأولى أحيوا مرور أكثر من خمسة وخمسين عامٍ على تخرجهم، وخريجو الفئة الثانية الذين احتفلوا بالذكرى الخمسين لتخرجهم في العام 1973، وخريجو الفئة الثالثة الذين أحيوا الذكرى الخامسة والعشرين لتخرجهم العام 1998.
بداية، رحّبت سلمى عويضة، نائب الرئيس المشارك للتطوير وعلاقات الخريجين والمناسبات الجامعية، ترحيباً حاراً بالخريجين، مسلّطة الضوء على أهمية مساهماتهم في تشكيل ميراث الجامعة الأميركية في بيروت. وقالت، “إن احتفالات لمّ الشمل هذا لا يتعلق فقط بالمباني والمنشاءات التي تحيط بنا، بل يتعلق بكم جميعاً، أنتم يا من ملأ هذه القاعات بالأحلام والطموح والسعي وراء المعرفة.” وأضافت، “لقد شكّلتم نسيج الجامعة الأميركية في بيروت وميراثها، ولهذا، نحن ممتنّون لكم… معاً، يمكننا أن نُلهم العَظَمة، ونغيّر الحياة، ونصوغ مسارات جديدة للذين سيسيرون في خطانا.”
وألقى رئيس الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور فضلو خوري، خطاباً ملهماً، مبرزاً المعالم المهمة والروابط التي يتم الاحتفال بها. وقال للخريجين، “عندما نكرّمكم، نكرّم أيضاً جامعتنا وقوة التواصل بيننا والتي لا تتجاوز السنوات فحسب، بل المسافات الجغرافية الكبيرة بيننا.” وتابع، “كلٌّ منكم، من إفريقيا وآسيا والأميركيتين وأستراليا وأوروبا، يعلم أنكم تحملون في داخلكم، مثل بذور الأرز الخالد، الثقة بالنفس والقدرة والمعرفة والرغبة في صنع الاختلاف ليس فقط في المكان الذي زرعتم فيه، ولكن أيضاً في أراضي أسلافكم، حيث جذوركم تمتدُّ عميقاً جداً.”
وتكلم في حفل التكريم ثلاثة خريجون متميزون يمثلون كل فئة احتفالية. الدكتورة بشرى جبر (بكالوريوس من العام 1965) تكلمت نيابة عمّن تخرجوا منذ أكثر من خمسة وخمسين عاماً واستذكرت حياتها في بيروت في تلك الفترة، حين كانت بيروت تنبض بالحياة كمركز دولي للأعمال والثقافة والتنوع. وعزت الدكتورة جبر قدرتها على الازدهار في بيئات وثقافات مختلفة إلى الخبرات التي لا تُقدّر بثمن التي اكتسبتها خلال تلك السنوات التحويلية. وعبّرت عن امتنانها العميق للجامعة الأميركية في بيروت منوّهة بالأساس الثقافي والمهني العميق الذي غرسته الجامعة فيها. وقالت، “لا أحد يستطيع أن ينكر البذور التي زرعتها الجامعة فينا جميعاً: قبول الآخرين، والتقبّل واحترام الاختلافات، والسعي وراء التعلّم والإنجاز.” وأعربت الدكتورة جبر عن أملها في استمرار نمو وازدهار الجامعة، مؤكّدة على الدور المحوري الذي يلعبه خريجوها في مستقبلها. كما أملت في عودتهم للمساهمة في نهضة لبنان.
الوزير السابق روجيه ديب، خريج الهندسة من الجامعة الأميركية في بيروت في العام 1973، تكلم عن مرجعية الجامعة للخريجين وسلط الضوء على أهمية خلفيتهم الأكاديمية وفتح الأبواب للفرص المهنية. وقال، “دعونا نُوَجّه الصلابة التي تم صقلها بنار الصعوبات ونعمل لإعادة بناء الجسور وتعزيز الحوار وخلق بيئة تعتمد تقبّل الآخر والتنوّع والابتكار والتعاون.”
أكرم العقيلي (بكالوريوس ادارة الأعمال من العام 1998 وماجيستر تنفيذية في ادارة الأعمال من العام 2010(، مؤسِّس شركة استشارات الأعمال العائلية الرائدة في المنطقة “عقيليكو،” كان المتحدث الرئيسي لفئة خريجي العام 1998. وهو روى بشغف رحلته في عالم الأعمال ونسب الفضل في نجاحه إلى الجامعة الأميركية في بيروت لتشكيلها نجاحه وإرساء الأساس له. وهو نوّه بالمنهاج الصارم، وبأعضاء هيئة التعليم الخبراء، والجسم الطلابي المتنوع، والالتزام الثابت بالممتازية، والشعور المتجذّر بالمسؤولية المجتمعية والاجتماعية، وقال بفخر، “هذه كلها جزءٌ لا يتجزّأ من هذا الحرم الجامعي المذهل، وتجعل الجامعة الأميركية في بيروت الجامعة الحقيقية الوحيدة في المنطقة.”
بعد ذلك جرى توزيع ميداليات تكريم على الخريجين من الفئات الاحتفالية الثلاث. وتبع الحفل التقاط الصورة الجماعية التذكارية للمحتفلين على درج البوابة الرئيسية للجامعة الأميركية في بيروت، ثم أُقيم حفل استقبال في باحة أسمبلي هول.
وتتابع الاحتفال في الملعب البيضوي الأخضر حيث نظّم مكتب علاقات الخريجين حفلة ساهرة وكانت بعنوان “ليلة كهربائية مع رودج” حيث صدحت الموسيقى في جوّ متّقد ومفعم بالحماس.
في السابع من تموز، عجّ الحرم الجامعي بخريجين انضووا في جولات لزيارة متحف الجامعة واستكشاف دُرره. ودامت كل جولة نصف ساعة. كذلك قصد عدد كبير من الخريجين مكتبة يافث التذكارية لزيارة معرض بعنوان “ذكرياتك في الجامعة الأميركية في بيروت.” وتضمن المعرض تشكيلة من المواد الأرشيفية بينها صور وبوسترات لنشاطات وكتب جامعية سنوية (ييربوك) ومنشورات طلابية مثل الصحيفة الطلابية أوتلوك. واختتمت الأمسية بحفلة موسيقية آسرة على الملعب البيضوي الأخضر مع الفنان اللبناني زياد برجي فملأ الجو بالأنغام الموسيقية.
وفي الثامن من تموز، انطلق خريجو الجامعة الأميركية في بيروت في جولتين مثيرتين بعنوان “يوم النزهة العائلية” لاستكشاف عجائب لبنان الخلابة على البحر والجبال، وتعزيز ارتباط أعمق بوطنهم وخلق ذكريات غالية مع أحبائهم.
ومع اقتراب الإحتفالات من نهايتها، بدا واضحاً أن الجامعة الأميركية في بيروت تظل متمسّكة بتعزيز حسّ أُسري قوي بين خريجيها وتزويدهم بفرص لإعادة التواصل والابتهاج بمسيرتهم المشتركة.