بقلم د : خالد السلامي
في يوم الواحد والعشـرين من سبتمبر، يتوقف العالم للتفكير في قيمة السلام، ولكن هل يكفي التفكير فقط؟ السلام ليس مجرد كلمة نطقها الناس، بل هو حالة من الوجدان تحتاج إلى جهد وعمل. في هذا اليوم، يتجلى دور دولة الإمارات العربية المتحدة كنموذج عالمي يُحتذى به في تعزيز السلام والتعايش السلمي.
عندما نتحدث عن السلام، قد يتبادر إلى الأذهان مفاهيم كبيرة مثل السلام العالمي، والحلول الدبلوماسية، والمعاهدات بين الدول. ولكن في الواقع، يبدأ السلام من مكان أقرب بكثير، وهو الفرد.
القوة في البساطة
كلمة “آسف” قد تبدو بسيطة وعابرة، لكنها تحمل في طياتها قوة هائلة. هي تعبير عن التواضع والاعتراف بالخطأ، وهي خطوة أولى نحو التسامح والتفاهم. في عالم يعج بالتعقيدات والصراعات، يمكن لهذه الكلمة البسيطة أن تكون شرارة البداية لحوار بناء ومثمر.
التربية والتعليم: الأساس في بناء السلام
الإمارات العربية المتحدة، بفضل توجيهات قيادتها الرشيدة، تعتبر أن السلام يبدأ من التربية والتعليم. ليس من قبيل الصدفة أن تُطلق مبادرات مثل “عام التسامح”، فهي تهدف إلى غرس هذه القيم في نفوس الأجيال الصاعدة. التعليم ليس مجرد نقل للمعلومات، بل هو بناء للشخصية، ومن هنا يأتي دور المدرسة والأسرة في ترسيخ مفاهيم العدالة، والتسامح، والاحترام المتبادل.
الفرد كجزء من المجتمع
الفرد ليس جزيرة معزولة، بل هو جزء من نسيج اجتماعي وثقافي وحضاري. السلام الذي يُحققه الفرد في حياته الشخصية ينعكس بالضرورة على المجتمع ككل. عندما يتعلم الفرد كيفية التعامل مع الناس بطيبة واحترام، يُصبح بمثابة سفير للسلام في كل مكان يذهب إليه.
الإمارات نموذجًا
الإمارات ليست مجرد دولة تسعى للتقدم والازدهار، بل هي دولة تعتبر السلام والتسامح من أهم أولوياتها. من خلال مشاريعها الإنسانية والثقافية، تُظهر الإمارات كيف يمكن للسلام أن يبدأ من الفرد ويمتد ليشمل العالم بأسره.
دعم للقضايا الإنسانية
الإمارات تعتبر من أكثر الدول العربية نشاطًا في مجال العمل الإنساني، حيث تقدم مساعدات مالية ولوجستية للعديد من الدول التي تعاني من الصراعات والكوارث الطبيعية. هذا الدعم ليس مجرد عطاء مادي، بل يأتي في إطار استراتيجية مدروسة لتحقيق الاستقرار والسلام في المناطق المتأزمة.
التوسط في حل النزاعات
الإمارات لديها سجل حافل في التوسط لحل النزاعات، سواء على الساحة العربية أو الدولية. من خلال دبلوماسيتها الناجحة والحكيمة، تسعى الإمارات للوصول إلى حلول توافقية تجنب الدماء وتحفظ الكرامات.
تعزيز الحوار بين الأديان
في عالم يزداد فيه التطرف والانقسام، تأتي مبادرات الإمارات لتعزيز الحوار بين مختلف الأديان والثقافات كنموذج يُحتذى به. من هنا جاءت فكرة إنشاء “بيت العائلة الإبراهيمية” في أبوظبي، الذي يضم معبدًا يهوديًا وكنيسة ومسجد، في محاولة لتعزيز التعايش والتفاهم بين مختلف الديانات.
الإمارات: فاعلة ومؤثرة
الإمارات ليست مجرد مراقبة للأحداث، بل هي جزء فاعل ومؤثر في تحقيق السلام والاستقرار. من خلال سياساتها الخارجية المدروسة ومبادراتها الإنسانية، تُظهر الإمارات أن السلام ليس مجرد كلمات نرددها، بل هو عمل نقوم به.
السلام المستدام: أكثر من مجرد وقف لإطلاق النار
عندما نتحدث عن السلام، قد يظن البعض أنه مرادف لوقف الحروب والنزاعات فقط. لكن في الواقع، السلام المستدام يتجاوز هذا الإطار بكثير. يعني السلام المستدام تحقيق العدالة الاجتماعية، والمساواة، والحرية، والتنمية المستدامة. في هذا السياق، تعتبر الإمارات العربية المتحدة أن السلام ليس هدفًا يمكن تحقيقه بمعزل عن هذه العناصر. من خلال مشروعاتها التنموية والإنسانية، تسعى الإمارات لتحقيق نوع من السلام يستدام ويُعزز من الاستقرار والتنمية على المدى الطويل.
العلم كجسر نحو السلام
في عصـر العولمة والتكنولوجيا، يمكن للعلم أن يكون له دور كبير في تحقيق السلام. الإمارات ترى في العلم والتكنولوجيا وسيلة لتحقيق التنمية المستدامة، وبالتالي تحقيق السلام. من خلال استضافتها لمؤتمرات علمية عالمية، ودعمها للبحث العلمي في مجالات مثل الطاقة المستدامة، والزراعة، والطب، تسهم الإمارات في بناء عالم يمكن أن يكون أكثر سلامًا واستقرارًا.
الابتكار والتكنولوجيا في خدمة السلام
الإمارات ليست مجرد مستهلكة للتكنولوجيا، بل هي أيضًا مُبتكِرة. من خلال دعمها للابتكار والأبحاث العلمية، تُركز الإمارات على تطوير تكنولوجيات يمكن أن تُسهم في حل مشكلات العالم من حروب وفقر وأزمات بيئية.
السلام ليس مجرد غياب للحرب، وليس مجرد هدف يُحقق بالكلام والتصـريحات. إنه يتطلب جهدًا متواصلًا ومُدروسًا لتحقيق العدالة والمساواة والتنمية المستدامة. الإمارات، من خلال تركيزها على العلم والتكنولوجيا كوسائل لتحقيق السلام، تُظهر لنا كيف يمكن لدولة أن تكون فاعلة ومؤثرة في تحقيق هذا الهدف النبيل. في هذا العالم المتقلب، تُعتبر الإمارات نموذجًا يُحتذى به في كيفية تحقيق السلام المستدام من خلال العلم والابتكار.
في زمن الصراعات والتحديات الكبيرة، تظل الإمارات نبراسًا يضيء الطريق نحو عالم أكثر سلامًا واستقرارًا. من خلال دورها الفاعل في الساحة الدولية، تُعطي الإمارات دروسًا في الدبلوماسية والتعاون الدولي، مُركِزة على أن السلام ليس مجرد هدف، بل هو مسار يجب أن نسير عليه جميعًا بإخلاص وتفانٍ.
في يوم السلام العالمي، نجدد إيماننا بأن السلام ليس مجرد حلم، بل هو هدف يمكن تحقيقه بالعمل والإصرار. دولة الإمارات العربية المتحدة تقف كنموذج يُحتذى به في هذا السياق، مؤكدةً أن السلام يبدأ بالفرد وينتهي بالعالم كله.
في هذا اليوم، لنجعل السلام ليس مجرد كلمة نقولها، بل حالة نعيشها، وقيمة ننشرها، ومسيرة نسير فيها جميعًا نحو عالم يسوده العدل والمحبة.
المستشار الدكتور خالد السلامي -، سفير السلام والنوايا الحسنة وسفير التنمية ورئيس مجلس إدارة جمعية أهالي ذوي الإعاقة ورئيس مجلس ذوي الهمم والإعاقة الدولي في فرسان السلام وعضو مجلس التطوع الدولي وأفضل القادة الاجتماعيين في العالم لسنة 2021 وعضو الامانه العامه للمركز الأوروبي لحقوق الإنسان والتعاون الدولي وعضو التحالف الدولي للمحامين والمستشاريين الدوليين .