هل ستنجح الثورة التي يحلم بها أشراف لبنان ؟
حبّنا للبنان لا يجعلنا ننفي أننا ضحية الحكومات المتعاقبة، لكننا في الوقت نفسه لا نحمل جميع مظاهر فساد الوطن لأهل القرار فيه ولأهوائهم ونزواتهم، فنحن أيضا نتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية في ذلك، فبصمتنا الدائمة وخوفنا من التغيير أصبحنا ضحايا أصحاب السلطة الذين يزيدون اغتناءً ولا يقدمون لنا سوى النفاق السياسي عبر وعودهم التي لا تتعدى أن تكون مجرد أكاذيب وادعاءات باطلة.
إنّ المتسلطون في وطننا أكثر الناس سعيًا إلى خنق الحرية بتكبيل الكلمة الشجاعة، وتكميم الأفواه التي تنطق بالحق، والتضييق على الحرف الثائر الذي يظهر الحقيقة، ومحاصرة الرأي الحر والتعتيم عليه، وسلب واغتصاب الطموحات المبنية على أساس شريف ونزيه، لقد أصبحنا في وطننا نحاكم بالوجاهة والنفوذ والأموال، ولم نعد جميعًا متساويين بكرامتنا وإنسانيتنا ووطنيتنا..
لا يوجد رؤية واحدة مستقلة بين اللبنانيين، الوطن بعِلم الجميع محكوم ضمن محورين أساسيين والمشكل في لبنان أنّ اللبناني يعيش في وهم زعيمه والقرارات الدولية.
لذلك انقسم الشعب فيما بينه بشكل مأساوي منهم من يعتبر أنّ المسيحي على حق والأرض أرضه والطرف الثاني يتمسك بطائفته المسلمة وبزعامة من يعتبره الناطق باسمه ويريد أن يحكم حسب رؤيته، منهم مع السياسة الإيرانية وتنفيذ مشروعهم في الشرق الاوسط وغيرهم مع دول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية وهناك من يؤيد الفرنسي وغيره الامريكي ولا ننسى من هو في المحور الروسي..
وقد ولد فريق من اللبنانيين من يطالب بالفدرالية السياسية وينشرها عبر الاعلام ويسوّق لها لكن هل ستتحقق ويكون لها تجاوب دولي ومحلي؟ ..
والخوف الأكبر هو وجود النازح السوري الذي يعتبر أنّه أصبح ضمن هذه المنظومة السياسية وله الحق بالوجود في لبنان حسب ما يتداول بين الاقبية السياسية ويعتبرون لبنان جزءًا من سورية وله الحق بتقرير مصيره في هذا الوطن ..
سنظل نكذب على أنفسنا كل يوم ونقول بأننا مرتاحو البال، بالرغم من أنّ هموم وطننا توجعنا وتشطرنا وتبعثرنا هنا وهناك، تُرى من سيُعيد لوطننا البهاء والعزة؟ ألم يحن بعد الوقت للتخلص من وَهم ولادة النموذج التنموي والنهضوي الشامل والمستدام الذي لن يأتي أبدًا من تلقاء نفسه في ظل الأوضاع القائمة؟
إنّ حصول ذلك كله يستدعي المرور بمخاضٍ عسير يتطلب صبرًا دؤوبًا واصطبارًا حقيقيًا ومتابعة متواصلة، ولعلّ التجارب السابقة علمتنا بأن حبل النزاهة والمصداقية متين، والتاريخ لا يرحم وسيكتب يومًا بأنّ إفراطنا في حبّنا للبنان جعلنا نقسو بألسنتنا وأقلامنا، لكن رغم ذلك فقساوتنا أرحم من قساوة طغيان وعناد وإصرار أصحاب القرار السياسي على الإساءة لهذا الوطن.
يا من تقرأ مقالاتي أو مقالتي هذه بالتحديد إن كنت تريد للبنان أن يبقى لا أن يذوب كما هو مخطط له عليك بالتخلص أولاً من السياسيين الذين لا تهمهم في وطننا سوى مصالحهم الشخصية، ولا يألون جهدًا ولا يتركون طريقًا لنيلها إلا وسلكوه حتى لو كانت طريق الشيطان، وخلاصة القول لبنان لن يتحرر من الفساد الذي نخره على جميع المستويات ما لم تحصل فيه ثورة ثلاثية الأبعاد؛ ثورة ضد الظلم، وثورة ضد التفقير، وثورة ضد التجهيل.
فاللبنانيون اليوم بحاجة لقائد ثوري حكيم ينتدب أو بالأحرى يختاره من يعتبرون أنفسهم ثواراً ويحبون لبنان .. لبنان بحاجة للتغيير نعم وبحاجة لإعلان الثورة بقيادة عقلاء الوطن وليس للفورة كما حصل في ١٧ تشرين قبل فوات الأوان …