حروب الجيل الخامس وتأثيرها علي الامن الاجتماعي
بقلم: الدكتورة رانيا الكيلاني *
يشهد العالم أجمع العديد من التغيرات والتحولات السريعة، التي انعكست على مختلف مجتمعاتنا العربية، من خلال أنماط مختلفة من الصراعات السياسية، أفضت الى بروز وسائل جديدة وأدوات مستحدثة كوسائط لتحقيق أهداف الصراع، وكان من أبرز أشكالها المستحدثة ما يطلق عليه الحروب الناعمة تحت مسميات عدة، اتخذت أجيال متعاقبة تعبر عن تطوراتها، من أهمها حروب الجيل الرابع والخامس، للإشارة إلى محاولات الدول الغربية، وبخاصة الولايات المتحدة الأميركية، التلاعب بدول الشرق الأوسط، وتحقيق مخططها لتغير خارطته إلى «شرق أوسط جديد»، باستخدام طرق جديدة لا تشمل الاحتلال الفعلي للأراضي والمواجهات المباشرة مع الجيوش النظامية، وإنما تعتمد في الأساس على حروب المعلومات ونشر الشائعات، إضافة إلى استخدام الجماعات المأجورة لتنفيذ عمليات نوعية على الأرض. وفي مقالة للكاتب الأميركي «وليم لاند»، نشرت بتاريخ 2004، ذكر أنه كان من ضمن الخبراء العسكريين، الذين قاموا بتطوير نظرية حروب الجيل الرابع، وأضاف أن الغزو الثقافي لبلد ما في مرحلة من المراحل، يعد أصعب من الغزو العسكري لنفس البلد.
وبرغم ظهور مصطلح حروب الجيل الخامس في الغرب منذ بداية القرن الواحد والعشرين، فإن المصطلح لم يتم تداوله في مصر، ولم يبرز بشكل واضح إلا خلال السنوات القليلة الماضية، حيث محاولات عدد من الدول استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والدعاية الإعلامية لنشر أخبار كاذبة عن الدولة المصرية، بهدف إسقاطها من خلال استخدامهم لأدوات تكنولوجية حديثة ومتقدمة تتميز بالذكاء الاصطناعي، ما يهدد أمن واستقرار المجتمع، لما ينتج عنها من أثار سلبية على كافة المستويات بشكل عام.
ويرى المحلل العسكري الأميركي «راي البرمان»، أن حرب الجيل الخامس تعتمد في الأساس على مهاجمة العدو من السماء، من دون الاشتباك على الأرض، واستخدام خطط التلاعب الزماني والمكاني، وإيهام العدو بأن أي مقاومة لا جدوى منها، وبالتالي يستسلم العدو من دون قتال، في حين ذكر المحقق «توماس برنت» في تقرير له، نشر بمجلة التايمز الأميركية، أن أهم ما يميز حروب الجيل الخامس القدرة على تعطيل دفاعات العدو ووعيه بالخطر، وأنه خلال تلك الحروب، يمكن أن تستخدم الحرب البيولوجية أيضاً لإضعاف العدو، ومنعه من إنتاج غذائه.
ومما لاشك فيه أن التفاعل الاجتماعي المتبادل بين منظومة القيم الثقافية والحالة الأمنية في المجتمعات يمثل تكاملاً ضرورياً لإحداث الأمن والاستقرار في المجتمع، حيث يرتبط الأمن ارتباطاً وثيقاً بمؤسسات المجتمع المختلفة لما لهذه المؤسسات من دور في بناء واستقرار المجتمع، وفي الوقت الذي تنطلق فيه الجهود الأمنية نحو مكافحة السلوك الغير مرغوب فيه لدي افراد المجتمع ، فإن المؤسسات الاجتماعية تنطلق من محور تقزيم الارادة الإجرامية لدى الأفراد لممارسة السلوك الاجرامي ما يجعلهم غير راغبين في ممارسته.
من هنا نسعى إلى التعرف على الأمن الاجتماعي ودور الحروب الالكترونية الحديثة المتمثلة في حروب الجيل الخامس في اضطراب منظومة الأمن الاجتماعي.
* أستاذ علم الاجتماع الثقافي بكلية الآداب جامعة طنطا